ads
رئيس التحرير

مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار.. ثمان سنوات من العمل على مد جسور التقارب بين أتباع الأديان والثقافات المختلفة حول العالم.

الخميس 27-08-2020 13:24

كتب /زكى يحيى

في عام 2012، وبينما كان العالم يموج بالتيارات المحفزة للاحتقان بين أتباع الديانات وتأجيج النزاعات المذهبية واستدعاء الخلافات التاريخية بين الحين والآخر، قررت المملكة العربية السعودية انتزاع المبادرة لوقف هذا المد العدائي بين أتباع الديانات، وأعلنت عن تأسيس مركزًا دوليًا للحوار بين أتباع الأديان والثقافات ليكون منبرًا فكريًا يعمل في خدمة البشر ولأغراض السلام ونشر الخير على الأرض والعمل على أن تصبح الخلافات المذهبية عنصراً للتفاهم وليس عنصراً للتصادم بين الحضارات والبشر.

وعلى الرغم من عمره القصير نسبيًا، إلا أن مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات “كايسيد” تمكن في غضون 8 سنوات من دفع مسيرة الحوار والتفاهم بين أتباع الأديان والثقافات المتعددة، والعمل على تعزيز ثقافة احترام التنوع، وإرساء قواعد العدل والسلام بين الأمم والشعوب.

كما عملت المملكة العربية السعودية على تعزيز الحوار بين أتباع الديانات والثقافات المختلفة، حيث كان اللقاء الأول من نوعه الذي جمع بين خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- وقداسة البابا بنديكتوس السادس عشر مَعلماً بارزاً في العلاقات المسيحية الإسلامية ودافعاً حقيقياً وراء إنشاء هذا المركز الذي تأسس على يد السعودية وجمهورية النمسا ومملكة إسبانيا إلى جانب الفاتيكان بصفته عضوا مؤسساً مراقباً، ويقع مقره في مدينة فيينا، عاصمة النمسا، ويتألف مجلس إدارة المركز من قيادات دينية، من المسلمين والمسيحيين واليهود والبوذيين والهندوس.

ويعمل في المركز نخبة رفيعة المستوى من الخبراء والموظفين من 29 دولة موزعة على خمس قارات، ومن عدة خلفيات ثقافية ودينية، بينما ترتكز أعمال المركز على مبدأ احترام التنوع والتعددية وهو حجر الأساس الذي يقوم عليه نظام التوظيف في المركز، حيث يبلغ مجموع الموظفين نحو 56 موظفًا، 52% منهم إناث و48% ذكور.

ويرى المركز أن الدين، قوة فاعلة لتعزيز ثقافة الحوار والتعاون لتحقيق الخير للبشرية؛ حيث يعمل على معالجة التحديات المعاصرة التي تواجه المجتمعات، بما في ذلك التصدي لتبرير الاضطهاد والعنف والصراع باسم الدين وتعزيز ثقافة الحوار والعيش معاً، ومن هذا المنطلق فقد عمل المركز خلال تلك السنوات على بناء الجسور بين القيادات الدينية والسياسية وتفعيل دور الأفراد والقيادات والمؤسسات الدينية لمساعدة صانعي السياسات في بناء السلام والتعايش السلمي تحت مظلة المواطنة المشتركة؛ سدّا للفجوة بين القيادات الدينية وصانعي السياسات خاصة في المنظمات الدولية؛ وإيجادًا لحلول ناجعة، ومستدامة؛ وتحقيق نتائج إيجابية.

ويطبِّق المركز أنشطة، تعزز الحوار بين أتباع الأديان والثقافات من أجل السَّلام، وترسخ الحوار والتعايش في أربع مناطق حول العالم: المنطقة العربية؛ وجمهورية أفريقيا الوسطى؛ ونيجيريا؛ وميانمار. ويظل هدف المركز الأسمى، هو إبراز القيمة الحضارية للتنوع البشري والعمل على إرساء القواعد والأسس التي تقوم عليها صروح التعايش والحوار والتفاهم والتعاون بين البشر على اختلاف أديانهم وثقافاتهم.

وخلال تلك السنوات شارك المركز في تنظيم عشرات الأنشطة والمنتديات والورش في المنطقة العربية، بهدف بناء أجيال عربية جديدة مؤمنة بفضيلة الحوار والتشارك وتقبل الاختلاف والنزوع بعيدا عن الاستقطابات المذهبية والطائفية.

ويعتمد المركز آليات وخطط عمل مرنة تمكنه من التعامل مع الأزمات التقليدية والاستثنائية، فعلى سبيل المثال حينما تصاعدت موجة اللجوء إلى أوروبا نتيجة للصراعات بالشرق الأوسط، قام المركز بإطلاق برنامج “الاندماج الاجتماعي لطالبي اللجوء في أوروبا” المعني بتوفير مجموعة أدوات مخصصة لأولئك الذين يعملون لدعم طالبي اللجوء واللاجئين وإدماج المقبلين الجدد في جميع جوانب البلد المضيف – وذلك بإنشاء مساحة آمنة للحوار لمساعدتهم على فهم حقوقهم، وتعلم لغة جديدة، والتفاعل مع ثقافة البلد المضيف.

وفي ميانمار، التي شهدت بعض الاضطرابات، أطلق المركز منصة لتعزيز الحوار بين أتباع الأديان فيها وساعد في تأسيس شبكة متعددة الأديان وشاملة تضم قيادات دينية بورمية بوذية؛ ومسيحية؛ وهندوسية؛ ومسلمة، بالإضافة لمنظمات المجتمع المدني لتعزيز الحوار السلمي في مختلف أنحاء ميانمار. بقيادة رهبان بارزين وأئمة مسلمين من المجتمع المدني، ويعد المركز جزءًا من شبكة “مبادرة ميانمار السلمية” التي تقدم تدريبًا على الحوار بين أتباع الأديان وكيفية تفعيله عبر وسائل التواصل الاجتماعي في ميانمار.

وحينما استيقظ العالم في شهر يوليو الماضي على قرار تغيير وضع “آيا صوفيا” التاريخية في إسطنبول أصدر مركز الحوار العالمي بيانًا شارك فيه منظمة “اليونسكو” قلقها الواسع على المبنى الذي يدرج في قائمتها للتراث العالمي، ورأى المركز في بيانه أن الوضع الفريد لآيا صوفيا قد جعل منها في القرن الماضي منارة عالمية للوفاق بين أتباع الأديان على أساس المبادئ المشتركة المتمثلة في الحوار والاحترام المتبادل والسلام. وكان لهذا التغيير وقعًا كبيرًا على المستويين المحلي والعالمي على حد سواء، مما ينطوي على مخاطرة كبيرة قد تؤدي إلى تقليل قيمة الجهود التي تبذلها القيادات الدينية وأصحاب المصلحة المعنيين لمنع استخدام الدين كعامل مساعد على الانقسام. كما دعا المركز جميع الأطراف إلى التوصل إلى حل مقبول يسمح بالمحافظة على الأهمية التاريخية والثقافية العالمية لآيا صوفيا التي تُعد شاهدًا على العديد من القيم المشتركة للتقاليد الدينية المختلفة.

وقبل أيام، وتحديدًا في مطلع الأسبوع الجاري، اختتم مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، بالتعاون مع جمعية منتدى القيم الدينية لمجموعة العشرين ومنتدى الأمم المتحدة لتحالف الحضارات واللجنة الوطنية لمتابعة مبادرة خادم الحرمين الشريف

ads

التعليقات مغلقة.