ads
رئيس التحرير

بالتفاصيل.. لبنان بين الفساد والانفجارات

الأربعاء 05-08-2020 14:41

كتب: محمد كمال

أربع حالات انتحار يشهدها لبنان على مدار يومين، بفعل ضيق العيش وتدهور الأحوال الاقتصادية في البلاد، وهو ما يؤذن من وجهه نظر كثيرين، بدخول الأزمة المعيشية التي تشهدها البلاد، مرحلة جديدة في ظل انهيار متسارع في الأحوال الاقتصادية، يعد الأكثر سوءً منذ عقود، ولم تسلم منه أي طبقة اجتماعية.

وقد عاش اللبنانيون لحظات مروعة بالأمس، عندما هز انفجار قوي، قيل إنه رصد على مقياس ريختر لقياس قوة الزلازل بقوة 4.5 درجة، في وقت كانت فيه سحابات الدخان الأحمر، تلف سماء العاصمة اللبنانية.

ويأتي كل ذلك مترافقًا مع تردي غير مسبوق في قيمة الليرة اللبنانية، والتي تخطى سعر صرفها مقابل الدولار، حاجز التسعة آلاف ليرة للدولار الواحد خلال الأيام الماضية، في حين يشير الرقم الرسمي لقيمة الليرة إلى 1507 ليرات للدولار الواحد، وهو ما تسبب بدوره في موجة من الغلاء الفاحش، والتآكل في القدرة الشرائية لعدد كبير من اللبنانيين.

من المسئول؟

وفي الوقت الذي تحتدم فيه الأزمة المعيشية، ولا تبدو هناك أي دلائل على إمكانية وقف التدهور، يتبادل السياسيون والشارع الاتهامات، بشأن من هو المسؤول، عن هذا الانكشاف الكبير لحالة البلاد الاقتصادية، وتدهور معيشة الناس إلى مستويات غير مسبوقة.

ويرد البعض ما يشهده لبنان حاليًا إلى سلوك أطراف سياسية داخلية، أدت إلى حالة عداء بين لبنان ومحيطه العربي، بجانب استهداف البلاد من قوى دولية بفعل تحالفاتها السياسية الإقليمية، في حين يرى جانب آخر أن كل ما يحيق بلبنان حاليًا من تدهور يعود إلى عقود طويلة من الفساد المستشري عبر حكومات متعاقبة منذ التسعينيات، أغرقت البلاد بديون دون إصلاحات جذرية تهيئ لمعالجة مشاكل الفساد وبناء المؤسسات، وأدت في النهاية إلى ما نشهده اليوم من حالة إفلاس تام.

وفي الوقت الذي يجري فيه حاليًا تداول أحاديث عن احتمالات حل الحكومة اللبنانية الحالية برئاسة حسان دياب، يرى بعض المراقبين أن حل الحكومة لن يوفر حلًا، وأن جل ما يمكن أن يؤدي إليه فقط، هو تنفيس ضغط الشارع دون وقف حركته الثائرة، بفعل تردي الحياة المعيشية.

وكان رئيس الحكومة السابق تمّام سلام، قد أشار في حديث تليفزيوني مؤخرًا، إلى أنّ الفريق الحاكم أوصل لبنان إلى الهاوية، وعليه أن يتنحّى ويفسح المجال للآخرين للقيام بمحاولة إنقاذ، واعتبر “سلام”، أنّ رئيس الجمهورية يتحمّل مسؤولية كبيرة عمّا آلت إليه أحوال البلاد، وأن مواقف حزب الله الحادّة تجاه الأشقاء العرب هي التي أوصلت لبنان الى عزلته الحاليّة.

دور الخارج

وضمن سياق الحديث عن الدور الخارجي في الأزمة، كان حسن نصر الله زعيم حزب الله اللبناني، قد اتهم واشنطن في خطاب له مؤخرًا، بأنها سبب نقص الدولار في لبنان، قائلًا: “إن واشنطن تمنع العملة الأجنبية من الدخول إلى لبنان، وتضغط على مصرفها المركزي حتى لا يضخ مبالغ جديدة في الاقتصاد”، واصفًا أزمة الدولار بأنها: “قضية أمن قومي، ولم تعد مشكلة اقتصادية”.

وقد ردت السفيرة الأمريكية في لبنان دوروثي شيا، على نصر الله خلال حوار مع شبكة الـ LBCI، قائلة: إن “واشنطن لا تمنع دخول الدولارات إلى لبنان، والكلام عن أن أمريكا وراء الأزمة الاقتصادية تلفيقات كاذبة، والحقيقة أن عقودًا من الفساد ومن القرارات غير المستدامة في لبنان تسببت بهذه الأزمة”.

الفساد السياسي

ولكن بعيدًا عن الدور الدولي، فيما يشهده لبنان حاليًا من أزمة اقتصادية خانقة، يرد الشارع اللبناني وبعض المراقبين، الأزمة كلها إلى الفساد المستشري في الطبقة السياسية اللبنانية منذ عقود، ويعتبر المراقبون أن الأزمة القائمة في البلاد، يعود أساسها إلى عاملين مهمين هما، الفساد والديون المتراكمة.

ويرى أنصار هذا الجانب، أنه ومنذ الاحتجاجات التي شهدها لبنان في ﺗﺸﺮﻳﻦ ﺍﻷﻭﻝ/ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ 2019، فإن أصوات الناس تتعالى، مطالبة بمزيد من المساءلة للنخبة الحاكمة، التي أثرت من موارد الدولة العامة عبر سنوات دون أن تبدي أي اهتمام للقيام بإصلاحات جوهرية، ويعتبر هؤلاء أن الشارع اللبناني كان يتغاضى على مدى عقود متتالية، عن انغماس الطبقة السياسية في ألعاب سياسية، لاتهدف سوى للإبقاء على امتيازاتها، لكن انزلاق جانب كبير من اللبنانيين إلى حالة من الفقر، هو الذي فجر الموقف برمته.

وكان الرئيس اللبناني ميشيل عون، قد دعا إلى إجراء تحقيقات، حول عمليات فساد واسعة في البلاد، شملت انتهاكات مالية وغسيل أموال، في إطار عملية لمكافحة الفساد، مكلفا مجلس القضاء الأعلى بلعب دوره الكامل، في تعزيز ثقة المواطنين في القضاء، ومكافحة الفساد الذي جلب الانهيار للبلاد على حد قوله.

ads

التعليقات مغلقة.