ads
رئيس التحرير

من أصحاب السكاكين الطويلة ؟

الأحد 01-08-2021 17:06

هذا كان رأي المفكر السياسي الفرنسي أوليفيه روا الذي نقل، منذ نحو عام، الى شخصية لبنانية في باريس أن برنار ـ هنري ليفي الذي كان على تواصل «فلسفي» مع هنري كيسنجر، هو من اقترح عليه، ابان الحرب الأهلية، ترحيل المسيحيين من لبنان، اذ لا مستقبل لهم هناك، على أن تقام على أرضهم الدولة الفلسطينية.

الفكرة وصلت الى ياسر عرفات، وربما كانت قد راودته قبلاً. شخصياً، سمعت من الكاتب السياسي الفرنسي أندريه فونتين، وكان مديراً لصحيفة «اللوموند» أن عرفات كان يعتبر، في ادارته لتلك الحرب، أن لبنان مكان مثالي لدولته، ربما دون أن يدري ما كان يدور في رأس الثنائي مناحيم بيغن ـ آرييل شارون اللذين وافقا على الفكرة، شرط نقل عرب الجليل الى جنوب لبنان.

من أنقذ لبنان آنذاك من أصحاب السكاكين الطويلة ؟ الاجابات ضبابية، ومعقدة. اللافت الآن ما يتردد لدى الأوساط الديبلوماسية، والاعلامية، الفرنسية، حول أزمة المسيحيين» الذين ما انفكوا يأكلون بعضهم البعض».

هذا، بصورة خاصة، في الوسط اليميني الذي يتحدث عن الأداء العبثي للقادة المسيحيين، وحيث يبدو سمير جعجع وسامي الجميّل، في منتهى الاغتباط وهما يغرزان أسنانهما في جلد ميشال عون الذي جلّ ما كان يبتغيه، وهو الجنرال، العودة، على قرع الطبول، الى القصر …

اليمين الفرنسي يرى في وثيقة الطائف وثيقة الوفاة للدور المسيحي في لبنان.

صلاحيات رئيس الجمهورية باتت فولكلورية، وان كان النص الدستوري (المادة 49 ) قد حفل بتلك الألفاظ الفضفاضة التي لا تعني أكثر من كون القابع على الكرسي الرئاسي القبعة على رأس الملكة.

اذاً، ما يفعله ايمانويل ماكرون. انقاذ ما يمكن انقاذه من الوجود، لا من الدور، المسيحي، وان كان هناك في «الكي دورسيه» من يعتقد أن لبنان تحول الى مسرح لتقاطعات جهنمية داخلية وخارجية. انه «الرجل المريض» في المنطقة، دون أن يعلم أحد ما هي مواصفات «لبنان الآخر»، ان كان هناك من لبنان آخر.

هل حقاً ما يتردد في باريس من أن الاليزيه تواصل مع الكرملين، وكان هناك تنسيق للحيلولة دون رجب اردوغان وتفجير الشمال اللبناني كمدخل لاقامة قاعدة عسكرية على شاطئ طرابلس، في اطار خطته ادارة المنطقة شرقي المتوسط كونها تطفو فوق أوقيانوس من النفط والغاز ؟

لكن باريس تقول أيضاً أن القادة اللبنانيين الذين لا يأخذون بالاعتبار «لعنة التاريخ» لتحويلهم الفساد الى «فلسفة عمل»، زجوا بلادهم في صراعات جيوسياسية، جيوستراتيجية، مدمرة  لتسقط، في نهاية المطاف، ضحية تلك الصراعات.

من البداية كان ثمة «خلل جيني» في تركيب الدولة اللبنانية التي (يا للغرابة !) تمكنت من البقاء على قيد الحياة لمائة عام. لا مجال البتة لمائة عام أخرى لأن رياحاً هوجاء تهب الآن في الشرق الأوسط.

حتى أن تعيين رئيس حكومة في لبنان يقتضي تغطية اقليمية ودولية، والا بقي من دون حكومة، وهذا ما تتوخاه جهات عربية تنسق، بشكل أو بآخر، مع حكومة نفتالي بينيت، كامتداد جانبي لـ»صفقة القرن»، باحداث تغيير بنيوي في الخارطة الديموغرافية، والطائفية، والسياسية، في هذا البلد الذي فقد أهله أدنى مقومات الحياة، وفي ظل قيادات تجلس، دون أن يرف لها جفن، فوق تلك الجثة ـ الفضيحة.

ولكن أليس العديد من الملوك، والرؤساء، يطبخون كما أطباق الهوت دوغ في المطابخ الأميركية. مسألة طبيعية أن يطبخ رئيس الجمهورية اللبنانية، أو رئيس الحكومة، في أكثر من مطبخ اقليمي ودولي. هذا هو منطق الأشياء في هذا الشرق الذي قال فيه هيرودوت منذ 2500 عام، أنه يقع على خط الزلازل.

منطق الأشياء، أيضاً، أن نكون ضحايا الخمسة نجوم لتلك الزلازل.

من أطرف ما قاله لنا وزير سابق «يريدون اعادة تركيب لبنان ؟ فلينبشوا قبر الجنرال غورو لأنه ندم على فعلته فور أن غادر قصر الصنوبر، ولولا صرخة البطريرك الياس الحويك في وجهه لما كان ماكان…».

ads

التعليقات مغلقة.